يكتب خرم مستني خان عن تجربة شخصية تكشف، في نظره، جوهر ما يجري في غزة، ويؤكد أن الصمت لم يعد خيارًا أخلاقيًا أو قانونيًا في مواجهة ما يصفه بالإبادة الجماعية.
ويقول في الشهادة التي نشرها في موقع ميدل إيست مونيتور إنه في صباح 8 أكتوبر 2025، اعترضت القوات البحرية الإسرائيلية سفينة Conscience في المياه الدولية على بُعد نحو 130 ميلًا بحريًا من غزة. حملت السفينة مساعدات إنسانية، وعلى متنها صحفيون وأطباء ونشطاء، في محاولة لكسر الحصار الإسرائيلي المفروض على القطاع منذ 18 عامًا.
فرضت القوات الإسرائيلية سيطرتها على السفينة، واحتجزت 92 شخصًا داخل كافيتيريا ضيقة حتى الوصول إلى ميناء أشدود. يروي الكاتب كيف قيّد الجنود يديه، ونزعوا كوفيته، وأجبروه على الركوع على أرض صلبة لفترة طويلة، بينما عاش رفاقه التجربة نفسها بدرجات متفاوتة من القسوة. ينقل النص صورة عن معاملة يرى أنها تنتهك أبسط القواعد الإنسانية، وتكشف طبيعة السلطة التي تتصرف بلا مساءلة.
اعتراض السفن وكسر القانون الدولي
ينقل الكاتب إلى سجن كتسيعوت مع بقية المشاركين في أسطول الحرية، ثم يمثل أمام هيئة قضائية داخل منشأة معدنية مغلقة. يحضر قاضٍ وضابط شرطة وشخص يقدَّم بوصفه مترجمًا، بينما يدرك الكاتب أن القاضي يفهم كل كلمة من دون حاجة إلى ترجمة. يشرح خان كيف طلب الإدلاء بمداخلة إضافية، رغم تحذير المحامين من أي تصريحات سياسية قد تزيد فترة الاحتجاز أو تعرّضه للتعذيب.
يؤكد الكاتب أمام القاضي أن القوات الإسرائيلية اختطفتهم في المياه الدولية، وأن مهمتهم إنسانية تهدف إلى كسر حصار غير قانوني وإنهاء إبادة جماعية مستمرة في غزة. يصف لحظة الصمت التي عمّت الغرفة بعد استخدامه كلمة “إبادة”، ويقرّ بأنه تعمّد قولها رغم المخاطر، لأن الامتناع عن تسميتها، في رأيه، شكل آخر من أشكال الجبن.
الإبادة في ضوء القانون الدولي
يستند الكاتب إلى قرارات وتقارير دولية ليؤكد أن توصيف ما يجري في غزة لا يقوم على العاطفة وحدها. يشير إلى قرار محكمة العدل الدولية الصادر في يناير/كانون الثاني 2024، حين رأت المحكمة أن إسرائيل قد ترتكب إبادة جماعية، وألزمتها باتخاذ تدابير لمنع الأفعال الإبادية والسماح بدخول المساعدات الإنسانية. يوضح أن إسرائيل تجاهلت هذه التدابير وواصلت القصف والتجويع والقتل الواسع النطاق.
ينبّه الكاتب إلى أن أي دولة تواصل تسليح إسرائيل تخاطر بالتورط في خرق أوامر المحكمة. يذكر أن لجنة تحقيق تابعة للأمم المتحدة، إضافة إلى منظمات حقوقية دولية، خلصت إلى أن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية في غزة، ودعت الدول الموقعة على اتفاقية منع جريمة الإبادة إلى الوفاء بالتزاماتها القانونية، وفي مقدمتها واجب المنع والعقاب.
مسؤولية كندا والتواطؤ الدولي
يركّز النص على كندا بوصفها حالة دالة على التواطؤ الغربي. يوضح أن خبراء أمميين دعوا في فبراير 2024 دولًا، بينها كندا، إلى وقف نقل السلاح إلى إسرائيل فورًا. يستشهد بتقرير المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بالأراضي الفلسطينية، فرانشيسكا ألبانيزي، الصادر في أكتوبر 2025 بعنوان إبادة غزة: جريمة جماعية، والذي حلّل دور الدول الغربية في دعم إسرائيل عسكريًا وسياسيًا واقتصاديًا.
يعرض الكاتب نتائج تحقيقات لمنظمات كندية كشفت استمرار تصدير معدات عسكرية وقطع طائرات F-35 إلى إسرائيل، سواء مباشرة أو عبر الولايات المتحدة، مستفيدة من ثغرات قانونية تعفي هذه الصادرات غير المباشرة من الرقابة الصارمة. يرى أن هذا السلوك يضع كندا في موقع الشريك في الجريمة.
يختم الكاتب بالدعوة إلى دعم مشروع قانون كندي يهدف إلى سد هذه الثغرات، ويؤكد أن الموقف من الإبادة لا يقبل الحياد. يصرّ على أن الصمت أو التردد يعنيان التواطؤ، ويطالب كندا والعالم بتسمية ما يجري باسمه الصريح: إبادة جماعية في غزة.
https://www.middleeastmonitor.com/20251218-call-it-what-it-is-a-genocide/

